Advanced Search

كيف نكتشف الدوريات المفترسة (المخادعة)

Tuesday, January 25, 2022

 

مع انتشار فيروس كورنا (كوفيد 19) بدأ سباق محموم بين الباحثين والمؤسسات البحثية بالجامعات ومراكز البحوث لدراسة هذا الوباء الذي يعصف بالعالم شرقاً وغرباً، للوصول إلى حلول لتلك الازمة في ظل حالة عدم اليقين لمستقبل البشرية. وعلى الرغم من توجه الكثير من الدوريات العلمية نحو تسريع وتيرة النشر من خلال اختصار الكثير من إجراءات دورة النشر وخاصة التحكيم والمراجعة العلمية، وخاصة بدوريات الوصول الحر Open Access والتي يطلق علىبعضها مصطلح "الدوريات المفترسة Predatory Journals". نظراً لقيامها بنشر عدد كبير من الأعداد والمقالات بسرعة كبيرة.  مما أدى إلى انتشار الكثير من النتائج الهشة والمعلومات غير الدقيقة بسرعة عن الفيروس وتراجع عدد كبير من المؤسسات الدولية ومنها منظمة الصحة العالمية عما تقوم بنشره حول الوباء وبرتوكولات علاجه.

ولا شك أن معظم العلماء الذين يشاركون في نشر الأبحاث بالدوريات المفترسة يبذلون جهوداً كبيرة للوصول إلىاكتشافات حقيقية، ألا أن الكثير منهم أيضا يقومون بذلك بغرض التسويق لأنفسهم ولمؤسساتهم عن طريق نشر معلومات مبالغ فيها ومخيفة أو مكررة وأحيانا مزيفة.  لذلك لابد أن تكون الحكومات ومؤسسات المعلومات الرسمية في حالة تأهب قصوى لرصد تلك الدراسات وتحديد مصدرها وخاصة مع اتجاه الدول والحكومات نحو تخفيف إجراءات الحظر.

ألا أن الظاهرة الأخطر، هي نشر عدد كبير من الأبحاث غير الدقيقة بمجلات الوصول الحر المفترسة ومن المعروف أن هذه الدوريات تقوم بفرض رسوم على المؤلفين مقابل النشرلتحقيق الأرباح وليس عن طريق اشتراكات المؤسسات أو الدفع مقابل التحميل من خلال القراء. مما ألقى بظلال من الشك حول ممارسات تلك الدوريات ومدي التزامها بالقواعد العلمية الصارمة للتحكيم والتدقيق العلمي.

 

الدوريات المفترسة:

هي مجموعة الدوريات التي تهدف في الأساس إلى تحقيق الربح المادي من خلال النشر السريع للبحوث دون أن تلتزم بمعايير النشر العلمي من مراجعة وتحكيم وتحرير للمواد المنشورة. من ثم تقوم بنشر مواد عديمة الجدوى والجودة العلمية، وتنعدم فرص الاستشهاد بها.  في المقابل، تستغرق الدوريات الأكاديمية عالية الجودة وقتًا أطول لنشر المقالات لأنها تخضع لمراجعة الأقران وعمليات التحرير والتدقيق التي ترفع من جودة المادة العلمية وتزيد من فرص الاستشهاد بها.

وعلى الرغم من أن معظم الدوريات المفترسة هي من فئة دوريات الوصول الحر التي تُحصل رسوم النشر من المؤلفين، إلا أن ليس كل دوريات الوصول الحر دوريات مفترسة، حيث تلتزم العديد من دوريات الوصول الحر بمعايير وقواعد النشر الأكاديمي الصارمة. 

 

 

كيف نتعرف على الدوريات المفترسة:

قامت شركة كابليس للتحليلات العلمية CabellsScholarly Analytics https://www2.cabells.com/ مؤخراً بنشر تقرير أشتمل على قائمة بيضاء بالدوريات المنضبطةوأخرى سوداء بالدوريات المفترسة التي تصدر باللغة الانجليزية. في عام 2018، بلغ عدد الدوريات المفترسة التي تضمنتها القائمة السوداء أكثر من 13 ألف دورية، بينما بلغ عدد دوريات القائمة البيضاء أكثر من 16 ألف دورية موثوقة.

وتعتمد كابليس على مؤشر مكون من 65 معياراً للكشف عن عمليات الاحتيال والمخالفات "الشديدة، التي تقوم بهاالدوريات التي يتم أدرجها في القائمة السوداء مثل نشرمقالات متفرقة ولا تنشر أعداداً كاملة، وتلك التي لا يوجد لها أرشيف خلفي Back Files، أو عدم الإعلان عن أسماء هيئة التحرير، أو استخدام مقاييس مضللة مثل وضع معامل تأثير Impact Factor غير حقيقي على موقع المجلة أو المجلات التي تضع عروض للنشر السريع Offers of Speedy Publication. ومن الغرائب التي اكتشفتها كابليس عند أعداد قائمتها السوداء، أنه على الرغم من الحيل الكثيرة التي تستخدمها تلك الدوريات لخداع الباحثين، ألا أن بعض المخادعين مهملين ومن السهل اكتشافهم، فمثلا وضع أحد أعضاء المجالس العلمية أسم كلبته بدلاُ من أسمه في سبع مجالس علمية لمجلات في مجال الصحة العامة وقد أفشي به أحد زملائه. ويمكن التعرف على بعض المخالفات من خلال تتبع المجالات الموضوعية للمجلات وخاصة عند تكشيف المقالات بقواعد البيانات، فقد اكتشفت كابليس أن بعض المجلات تنشر أبحاثاً خارج نطاق المجلة Journal Scope أو تعيد نشر البحث في أكثر من عدد

وقد أظهر التوزيع الجغرافي لقائمة كابليس أنه يوجد عدد كبير من الدوريات المحتالة التي تنشر في نيجريا، كما أنه يوجد أكثر من 4400 دورية مفترسة منهم 1100 دورية محتالة بها مخالفات شديدة في الهند. كما أظهرت القائمة السوداء أنه توجد أكثر من 5800 دورية تدعي أنها تنُشر في أمريكا أو شمال أوربا او كندا دون أن تقدم ادلة على ذلك مثل عنوان مراسلة بريدي يمكن تتبعه. وعادة ما يتم النشر في هذه الدوريات من باحثين من الدول النامية، كما نشر بها العديد من الباحثين الاوربيين أيضا. وقد أقر العديد من الباحثين حول العالم بأنهم خدعوا عند النشر فى مثل هذه المجلات.

 

أوضح بو كريستر بجورك Bo-Christer Björk من كلية هانكن للاقتصاد في هلسنكي، أن عدد المقالات التي تنشرها المجلة المفترسة في المتوسط يبلغ حوالي 50 مقالاً سنويًا، أي أكثر من نصف ناتج عنوان موثوق به، وأن 60٪ من المقالات في مثل هذه المجلات لا تتلقي أي استشهادات Cited وليس لديها أي فرص لتلقى استشهادات مستقبليةCitable ، في مقابل 10٪ من المقالات التي تنشر في المجلات الموثوقة. وينتج عن ذلك 250 ألف مقالة سنوياً ليس لديها أي فرص استشهادات مستقبلية.

ويوضح الجدول والشكل التاليين نتائج تطبيق المعايير على مجموعة الدوريات التي تضمنتها القائمة السوداء: 



 

 

كما يقوم موقع أوقفوا المجلات المفترسة Stop Predatory Journals - https://predatoryjournals.com/ بنشر قائمة بتلك المجلات مرتبة هجائياً إلى جانب قائمة بالناشرين الذين يقومون بنشر تلك المجلات والمواقع التي تم أختطافهاHijacked بالإضافة إلى المقاييس المستخدمة في تصنيف المجلات المفترسة في مقابل المجلات الموثوق بها.

 

وفى ظل انتشار وباء كورنا يجب وقف هذه النوعية منالمجلات التي قد تنشر نتائج دراسات مخادعة Dodgy Studies والدوريات المفترسة لما لها من تأثير سلبي على حركة العلم والمعرفة وسرعة الاستجابة المطلوبة للتعامل مع الوباء من خلال متابعة المؤسسات والحكومات لهذه النوعية من المجلاتالتي لا تلتزم بالمعايير الصارمة للنشر العلمي. 

ونخلص مما سبق أنه على الرغم من أن حركة الوصول الحر قد فتحت أفاقاً جديدة للنشر وأنتاج المحتوي العلمي والمعرفي، ألا أنها فتحت منافذ أخري للاحتيال والكسب السريع والمشبوه. من ثم يجب اتخاذ إجراءات صارمة من جانب المجتمع العلمي (جمعيات علمية وجامعات ووزارات...الخ) للمتابعة والتقييم الدوري لتلك المجلات وأيضا المؤتمرات، وإلزام كافة منافذ النشر العلمي بالقواعد الصارمة للنشر حتى لا تعاني منافذ النشر العلمي من نفس أنماط فوضى المعلومات التي تعاني منها منصات التواصل الاجتماعي مما قد يهدد دورة العلم والمعرفة بالكامل.

وتوجد حاجة ماسة على مستوي الوطن العربي لدراسة الدوريات المفتوحة وخاصة المفترسة لتحديد مدي التزامها بمعايير النشر الأكاديمي.

المصادر:

·Bartholomew, Robert E. "Science for sale: the rise of predatory journals." Journal of the Royal Society of Medicine 107.10 (2014): 384.

· Beall, Jeffrey. "Predatory publishers are corrupting open access." Nature 489.7415 (2012): 179-179.

· Garbage in How to spot dodgy academic journals- Economist, May, 2020

· https://www.economist.com/graphic-detail/2020/05/30/how-to-spot-dodgy-academic-journals

· Xia, Jingfeng, et al. "Who publishes in “predatory” journals?." Journal of the Association for Information Science and Technology 66.7 (2015): 1406-1417.

Leave your comment
{{veeErrors.first('AddNewComment.CommentTitle')}}
{{veeErrors.first('AddNewComment.CommentText')}}